اختبار هاوي: كيف تؤثر قضية عمرها ٧٠ سنة بمستقبل الكريبتو؟

كتابة: عبد الكريم دباشي

العملات المشفرة هي باختصار عملات رقمية بتستخدم تقنيات التشفير لحماية وتسجيل التعاملات المالية. اكتسبت شهرة كبيرة في السنوات الأخيرة والعديد من الناس عم تنظر لها كبديل للنقد الحالي. لكن هي العملات كانت مصدر إثارة للجدل، والحكومات بوكالاتها التنظيمية المختلفة عم تعاني لوضع دليل واضح يسهل كيفية التعامل معها والتراخيص اللازمة لها.

موضوعنا اليوم رح يكون عن قضية ضمن الولايات المتحدة الأمريكية بمنتصف القرن الماضي، وقبل اختراع أي تشفير رقمي، وكيف هي القضية نتج عنها اختبار هاوي يلي عم يتم استخدامه على العملات المشفرة بعد عدة عقود.

سبب تسميه الاختبار بيرجع لعام ١٩٤٦، لما لجنة الأوراق المالية والبورصات (الأمريكية) رفعت دعوى ضد شركة دبليو. جاي. هاوي وشركة الخدمات Howey-in-the-hills.

لجنة الأوراق المالية والبورصات مسؤولة عن التنظيم والإِشراف على عمليات بيع الأوراق المالية بمختلف أنواعها للمواطنين الأمريكيين، بهدف ضمان تنفيذ القوانين واللوائح الأمريكية، وحماية المستثمرين اللي عندهم قدر متواضع من المعلومات من عمليات النصب والاحتيال.

قصة هاوي

شركات هاوي كانت واحدة من الشركات اللي بتملك مساحات واسعة من الحقول المزروعة بأشجار الحمضيات في فلوريدا. هي الحقول كان في قسم منها معروض للبيع، ولكن كان في خيار إضافي بتعرض فيه الشركة على المشترين إعادة استئجار الأراضي منهم، والقيام بجميع الأعمال المطلوبة من حراثة وسقاية واعتناء بالأرض، وحتى تسويق المحصول والترويج للمنتجات، بدون ما يقوموا المشترين بأي جهد.

لجنة الأوراق المالية والبورصات لاحظت خدمات شركات هاوي، ورفعت دعوى ضده للمحكمة العليا بتتدعي فيها أنه نشاط هالشركات يعتبر “عقد استثمار”. العقد الاستثماري هو اتفاقية بيمنح فيها شخص أمواله لشخص آخر أو شركة مقابل الحصول على فرصة لكسب المزيد من المال، وبالتالي يصنف كنوع من الأوراق المالية (اللي بتشمل أيضًا الأسهم، السندات والأوراق النقدية) وبيحتاج موافقة وتنظيم من قبل لجنة الأوراق المالية.

من البرتقال للكريبتو

في قضية هاوي، ناقشت لجنة الأوراق المالية والبورصات أنه أغلب الزبائن ما كانوا عم يشتروا الأراضي المزروعة بالأشجار لغرض امتلاك الحقول بحد ذاتها، والتي تعتبر سلعة (مثل العقار والذهب)، وتنظم من قبل لجنة تداول السلع الآجلة، بل كانوا عم يشتروا ١) استثمار ٢) ضمن مؤسسة مشتركة ٣) بيتوقعوا من خلاله الحصول على أرباح ٤) رح تكون بسبب جهود الشركة المروجة أو أي طرف ثالث.

ويليام هاوي كان متوفي أصلًا قبل ثمان سنوات من تاريخ القضية، ونتيجة القضية اللي كانت لصالح لجنة الأوراق المالية بقرار من المحكمة العليا، ما كانت مهمة بقدر كبير مقارنةً بالناتج الحقيقي عنها؛ المعايير المرقمة المذكورة أعلاه شكلت البنية الأساسية لاختبار هاوي اللي تم استخدامه مرارًا وتكرارًا للمساعدة بتحديد ماهية أي أصل مالي، وبالتالي صديقنا خسر القضية، ولكن حصل على اختبار مهم باسمه.

تم التوسع بتوضيح خطوات الاختبار وبيان مدى ارتباطها ببعضها كالتالي:

١. استثمار للمال: وهذا يعني أن الشخص اللي بيعطي المال بيتوقع استرداد شيء ما في المقابل، فهو بيستخدم المال لشراء أصل أو التزام مالي. على سبيل المثال، لما تقوموا بشراء أسهم في شركة معينة، فأنتوا بتعطوا الشركة أموال مقابل حصولكم على الأسهم.

٢. الاستثمار في مؤسسة مشتركة: أي أن الاستثمار عم يتم في مؤسسة تجارية بتضم عدة أطراف تعتبر نفسها كيان واحد، بتتشارك أموال المستثمرين وبتتقاسم الأرباح والخسائر.

بتستخدم المحكمة العليا اختبار ثلاثي الأقسام لتحديد المؤسسة المشتركة:

يجب أن يعمل الموظفون على نفس المشروع.

أن يعملوا في نشاطات متشابهة أو مشتركة.

أن يكونوا عرضة لنفس المخاطر.

٣. توقع الربح: هالشي مرتبط بالخطوة الأولى ويمكن جمعهم مع بعض بحيث يصبح الاختبار متكون من ثلاث معايير، لأنه توقعات الربح هي جزء وهدف أساسي من استثمار الأموال، فالشخص اللي بيشتري أسهم بيتوقع تحقيق ربح عند ارتفاع قيمة السهم كنتيجة لأداء الشركة الجيد، وهالشي بافتراض أن الشراء تم بعد دراسة مستوى المخاطر المرتبطة بالاستثمار والظروف الاقتصادية المحيطة فيه.
 
٤. الأرباح الناتجة مقتصرة على جهد وتأثير طرف ثالث: بترجع تفاصيل هالنقطة للخطوة الثانية، حيث بتعتمد المؤسسة المشتركة على نجاح الأطراف الأخرى الخارجية بتسويق وبيع الاستثمارات.

في حال انطبقت جميع المعايير على هذا الأصل، تدخل لجنة الأوراق المالية والبورصات حيكون مسألة وقت لا أكثر. ورغم أن النجاح بأي اختبار عادةً خبر مفرح وإيجابي، مؤسسي مشاريع العملات المشفرة وجمهورها عم يحاربوا لآخر رمق ليتجنبوا النجاح باختبار هاوي بشكل خاص، والتسجيل عند لجنة الأوراق المالية والبورصات بشكل عام، طبعًا هالشي بيدفعنا للتفكير بالسؤال أدناه.

لماذا تتجنب معظم العملات المشفرة لجنة الأوراق المالية والبورصات؟

الموضوع بيرجع لعدة أسباب، رح نذكر منها:

    • الكلفة: عملية التسجيل لدى لجنة الأوراق المالية والبورصات يمكن تكون مكلفة ماديًا ومضيعة للوقت، وهالشي يعرقل تقدم مشاريع العملات الرقمية المعروفة وما يناسب ميزانية المشاريع الصاعدة.

    • التنظيم: يمكن تتردد العملات المشفرة في التسجيل لدى اللجنة بسبب المتطلبات التنظيمية اللي بتأتي مع تصنيفها كأوراق مالية. يمكن أن تشمل هالمتطلبات التزامات إضافية بالكشف المالي والتصريحات، بالإضافة إلى قيود عديدة على كيفية تداول هذه العملات وترويجها.

    • عدم الوضوح: لحد اليوم، ما في رؤية واضحة فيما يتعلق بالمعاملة التنظيمية للعملات المشفرة، لهالسبب يمكن تتردد بعض المشاريع في التسجيل لدى اللجنة حتّى يصير في مزيد من اليقين حول كيفية معاملة هالأصول.

    • اللامركزية: العديد من العملات المشفرة تم تصميمها لتكون لامركزية، ما يعني أنه لا يتم التحكم بها من قبل أي كيان مفرد. هالطبيعة ممكن تصعب على المشاريع أنها تلتزم بمعايير الأوراق المالية، حيث أنه لا يوجد طرف واحد مسؤول عن إدارة هذه الًاصول.

بين مساوئ ومنافع التنظيم

المبالغة في اللوائح التنظيمية بترمي الابتكار من الشباك، والقليل منها رح يخلي الناس الجديدة بالمجال تطلع من نصبة وتغطس بالتانية.

مجال العملات المشفرة يعتبر جديد ومعقد نسبيًا، والتدخل الزائد للجنة الأوراق المالية حيزيد من هالتعقيد، مما قد يسبب إحجام المستخدمين الجدد والمشاريع الناشئة عن استكشاف القطاع.

ومن الجدير بالذكر ادعاء بعض الناس بتحيز لجنة الأوراق المالية والبورصات (الأميركية) ضد العملات المشفرة بسبب تعارض المصالح المحتمل، فاللجنة تعتبر منظمة حكومية، وهالشي بيجعلها عرضة للضغط السياسي وبيزيد احتمالية اتخاذها لقرارات مش في صالح العملات المشفرة، خصوصًا أن الأخيرة تتبنى مبادئ بتتعارض مع النظام المالي المركزي المعمول به حاليًا.

بينما بيدعي بعض الناس أن اختبار هاوي يعتبر عام جدًا، وما بيأخذ الخصائص الفريدة للعملات المشفرة بعين الاعتبار، بيأكد الغير على أهمية هالاختبار وغيره من الإجراءات لحماية المستخدمين من المخاطرة غير المحسوبة والاستثمارات المزيفة.

مثل ما تنمو أشجار الحمضيات في المناخ الدافئ والمشمس، العملات المشفرة بتنمو في العالم الافتراضي، على شبكات وخوادم لامركزية. الاثنين ممكن يكونوا مخاطرة بعواقب غير محمودة في حال تم الاستثمار فيهم بدون دراسة كافية، وبيتطلبوا مستوى معين من المعرفة والخبرة (وحتى الحظ) لتحقيق النجاح، وإلا “بروح الموسم عليكم”.

ختامًا، قرار استخدام اختبار هاوي أو غيره ودراسة مدى توافقهم مع المجال رح يكون مسؤولية المحاكم والسلطات التشريعية، لكن بيبقى التنظيم المتوازن هو أفضل طريقة بتضمن تشكيل محيط قانوني بيشجع مشاريع العملات المشفرة وبيضبطها ضمن حدود مقبولة بنفس الوقت

المزيد من مقالات تكسير

Add Your Heading Text Here